حبُّ الشباب (العُدّ)  Acne Vulgaris

 هو مرضٌ جلدي واسع الانتشار يسبِّب البثور. وتتشكل البثور عندما تُسَدُّ الجريبات الشعرية تحت الجلد. ويظهر أكثر هذه البثور على الوجه والعُنُق والظهر والكتفين.

يمكن أن يظهر حب الشباب عند أي شخص، ولكنه أوسع انتشاراً عند المراهقين والشباب. وهو ليس مرضاً خطيراً، ولكنه يمكن أن يُسبب ندبات.

لا أحد يعرف ما يُسبب حب الشباب على وجه التحديد. لكنَّ التبدلات الهرمونية، مثل التي تحدث في سنوات المراهقة والحمل، يُمكن أن تمارس دوراً في ظهوره. وهناك الكثير من المفاهيم المغلوطة المتعلقة بأسباب حب الشباب.

وغالباً ما يجري إلقاء اللوم على الشوكولاتة والأطعمة الدسمة، لكن الأدلة قليلة على أن الأطعمة لها تأثير كبير في حب الشباب. وتقول معلومة خاطئة شائعة أخرى إن اتساخ الجلد يُسبب حب الشباب؛ ولكن الرؤوس السوداﺀ والبُثور لا تنجم عن الاتساخ. كما أنَّ الشدة والتوتر النفسيين لا يسببان حبّ الشباب، ولكنه يُمكن أن يتفاقم بسببهما.

يعاني ملايين الناس من حب الشباب، ممَّا يجعله أحدَ أكثر الأمراض الجلدية شيوعاً. ورغم أنَّ حب الشباب لا يمثل تهديداً خطيراً للصحة، إلا أنه يمكن أن يؤدي إلى ندوب دائمة تشوه الوجه؛ وهذا أمر مزعج لمن يصاب بهذا المرض.

 

التشريح:

يغطِّي الشعرُ جسمَ الإنسان، باستثناء مناطق قليلة منه. ويكون بعضُ الشعر ناعماً جداً لا يكاد يُرى بالعين المجردة. يتألف الشعرُ من مركب كيميائي يدعى الكيراتين، وهو يتشكَّل داخل الجلد في جريب الشعرة. وهناك غدد صغيرة حول جريب الشعرة تنتج مادةً زيتية هي الدهن الجلدي. وتُدعى هذه الغدد الغدد الدهنية الجلدية. يتسرَّب الدهنُ الجلدي إلى سطح الجلد من خلال فتحة الجريب. ويدعى جريب الشعرة مع غدد الدهن الجلدية الموجودة حوله باسم "الوَحدَة الشَّعْرِيَّةٌ الزُّهْمِيَّة". وتكون هذه الوحدات أكبر حجماً وأكثر غزارة على الوجه وأعلى الظهر والصدر. وهذه المناطق هي المناطق التي يكثر فيها ظهورُ حب الشباب.

حبُّ الشباب هو اضطرابٌ في الغدد الدهنية أو الزُّهمية الجلدية في الجلد، يؤدي إلى سد المسامات وإلى آفات اسمها الشائع بثور أو حبوب. ويظهر حبُّ الشباب عادة على الوجه والرقبة والظهر والصدر والكتفين، ويحدث ذلك حين لا يستطيع الدهن الجلدي أن يتسربَ من خلال جريب الشعرة؛ فحين تطرح بطانة الجريب الخلايا منها بسرعة فائقة، فإن تلك الخلايا تتجمع وتغلق فوهة الجريب، وتمنع بذلك الدهنَ الجلدي من أن يخرج.

إنَّ مزيجَ الدهن الجلدي وخلايا بطانة الجريب المطروحة يسبِّب النموَّ الجرثومي في الجريبات المغلقة. وهذه الجراثيمُ تنتج مواد كيميائيَّة وإنزيمات يمكن أن تسبِّب الالتهاب. وحين لا يعود الجريب المغلق قادراً على استيعاب محتوياته، فإنه ينفجر ويخرج الدهن الجلدي وخلايا الجلد والجراثيم إلى سطح الجلد.

ويصاب الناسُ من مختلف الأعمار بحب الشباب، لكنَّه أكثر انتشاراً عند الشباب. يظهر حبُّ الشباب عند حوالي 85% من المراهقين والشباب بين 14 و 24 سنة من العمر؛ ويصيب الناسَ من كل الأعراق،

لكنه أكثر شيوعاً عند العرق الأبيض. ويشفى معظمُ الناس من حب الشباب في الثلاثينات من العمر، ولكن هناك من يبقى لديهم هذا المرض في الأربعينات والخمسينات أيضاً.

 

الأسباب:

السببُ الدقيق لظهور حب الشباب غير معروف، غير أنَّ الأطباءَ يعتقدون أنه ناجم عن عدة عوامل. والعامل الرئيسي هو المستويات العالية من الهرمونات.

إن الهرمونات الجنسية الذكرية التي تدعى الأندروجينات تزداد عندَ الذكور والإناث خلال سن البلوغ؛ وزيادةُ الأندروجينات تسبب تضخماً في الغدد الدهنية الجلدية، وهذا يعني إنتاج المزيد من الدهن الجلدي.

وهناك عامل آخر يرتبط بحب الشباب هو الوراثة؛ فقابلية الإصابة بحب الشباب يمكن أن تكونَ موروثة عن الأبوين؛ فمثلاً، تبين الدراسات أن الكثيرَ من الصبيان في عمر المدرسة، الذين لديهم حب الشباب، لديهم قصة إصابة بهذا المرض لدى أفراد آخرين من العائلة.

وهناك عوامل عديدة يمكن أن تفاقم مشكلة حب الشباب؛ فالمستوياتُ العالية من الهرمونات عند البنات والنساء قبل 2-7 أيام من بدء الدورة الشهرية قد تزيد من مشكلة حب الشباب.

إن التغيُّرات الهرمونية المرتبطة بالحمل يمكن أن تفاقمَ مشكلة حب الشباب؛ فحين تبدأ المرأة بتناول حبوب منع الحمل أو تتوقف عن تناولها، فإن التغيرات الهرمونية الناجمة عن ذلك يمكن أن تزيد من مشكلة حب الشباب أيضاً .

كما يمكن أن تتفاقم مشكلة حب الشباب بسبب التوتُّر النفسي، ولاسيما التوتر الانفعالي أو العاطفي الشديد أو المديد. وهناك أدوية تسبب حب الشباب. منها:

o   الأندروجينات، وهي الهرمونات الذكرية  

o   الليثيوم، وهو دواء لمعالجة الاضطراب النفسي الثنائي القطب الذي يتسم بالتذبذب بين الهوس والاكتئاب  

o   الباربيتورات، وهي أدوية تُستخدَم للسيطرة على نوبات الصرع

 كما أنَّ مواد التجميل الزيتية يمكن أن تغير خلايا الجريبات، وتجعلها تتلاصق فتسبب ظهور حب الشباب. ويؤدي الاستناد على الوجه أو فركه باليد إلى تفاقم مشكلة حب الشباب؛ فالضغطُ الناجم عن خوذة الدراجة النارية أو عن حقيبة الظهر أو عن القبة المشدودة يمكن أن تساهم في ظهور حب الشباب أو أن تزيده سوءاً.

كما يمكن للمهيجات البيئية مثل التلوث والرطوبة العالية أن تزيدَ من مشكلة حب الشباب. وقد يزداد حب الشباب سوءاً إذا جرى عصرُ البثور أو العبث بها، وحين يفرك الجلد بقوة. هذا، ولا ينشأ حب الشباب بسبب:

o   تناول الشوكولاتة  

o   تناول الطعام الدسم  

o   عدم نظافة الجلد

 

الأعراض:

يسبِّب حبُ الشباب ظهورَ آفات تدعى الزؤان، وهي جريباتٌ شعرية متضخِّمة مغلقة بالدهن والجراثيم. وغالباً ما تسمى زؤانة مجهرية، لأنها لا ترى بالعين المجردة. وإذا بقيت الزؤانة تحت الجلد، فإنها تدعى زؤانة مغلقة، أو الرأس الأبيض. وتبدو الرؤوسُ البيضاء عادة على شكل نتوءات بيضاء صغيرة على سطح الجلد.

أمَّا الزؤانة التي تصل إلى سطح الجلد وتنفتح، فإنها تُدعى الرأس الأسود لأنها تبدو سوداء. وهذا اللونُ الأسود ليس دليلاً على الاتساخ. ويمكن أن تبقى الرؤوسُ البيضاء والرؤوس السوداء في الجلد لفترة طويلة. وهناك أنواع أخرى من آفات حب الشباب مثل:

o   الحطاطات – وهي آفاتٌ جلدية ملتهبة صغيرة على شكل حدبات على الجلد صغيرة الحجم حمراء وردية اللون مؤلمة باللمس.

o   البثرات – آفاتٌ جلدية ملتهبة مليئة بالقيح يمكن أن تكون حمراء عند قاعدتها

o   العُقَيدات – آفاتٌ جلدية صلبة مؤلمة كبيرة تتغلغل عميقاً في الجلد.

o   الكيسات – آفاتٌ جلدية عميقة ملتهبة مليئة بالقيح يمكن أن تسبب الألم، وأن تترك ندوباً.

 

العلاج:

طبيبُ الجلد هو طبيبٌ متخصِّص بالأمراض والاضطرابات الجلدية. وهو الطبيب الذي يتولى في العادة معالجة حب الشباب. والهدفُ من معالجة حب الشباب هو تفادي حدوث الندبات. كما تهدف المعالجةُ إلى الإقلال من عدد الآفات والتخفيف من الحرج والإزعاج الذي قد يسببه حب الشباب للمصاب به إلى أقل قدر ممكن. ويستخدم طبيبُ الجلدية الأدوية لمعالجة حب الشباب عادة . وأدويةُ حب الشباب تقلل من:

o   تكتل الخلايا في الجريبات

o   إنتاج الدهن الجلدي

o   الجراثيم

o   الالتهاب

وتبعاً لشدة الحالة، يمكن لطبيب الجلدية أن يصف دواء يطبق موضعياً أو دواء يأخذ عن طريق الفم. والدواء الموضعي هو دواء يُطَبَّق على الجلد، أمَّا الدواء الفموي فهو يؤخذ عن طريق الفم. وأحياناً يصف الطبيبُ أكثر من دواء موضعي واحد، أو يصف دواءً موضعياً ودواءً فموياً في الوقت نفسه. ومن الأدوية الشائعة التي يحصل عليها المريض دون وصفة طبية:  

o   بينزويل بيروكسيد

o   ساليسيليك أسيد

o   سولفور (الكبريت)

o   سولفور وريزورسينول

ومن الأدوية الموضعية لحب الشباب:

o   بينزويل بيروكسيد

o   كليندامايسين

o   إيريثروميسين

o   تيتراسيكلين

o   تريتينيون

إن الأدوية التي لا تباع إلا بوصفة طبية تختلف عن الأدوية التي يمكن أن تباعَ دون وصفة طبية، فمن الأدوية التي لا تباع إلا بوصفة طبية المضاداتُ الحيوية ومواد كيميائية أخرى تكبح نموَّ الجراثيم.

وقد تسبب أدويةُ حب الشباب عند بعض المصابين آثاراً جانبية، مثل تهيج الجلد أو حرقه أو احمراره. وتزول الآثار الجانبية لهذه الأدوية عادة بعد فترة من مواصلة استخدام الدواء. أمَّا إذا كانت الآثار الجانبية شديدة، فيجب إبلاغ الطبيب. وقد تستغرق المعالجةُ أربعة إلى ستة أسابيع حتى يبدأ ظهورُ التحسُّن على الجلد.

وإذا لم يتحسن المصاب بحب الشباب عن طريق استخدام الأدوية، فقد يلزم استخدام دواء اسمه إيزوتريتينيون، وهو دواء فموي يؤخذ عادة مرة واحدة أو مرتين في اليوم لمدة 16-20 أسبوعاً. ولكن الإيزوتريتينيون باهظ الثمن، ويمكن أن يترك آثاراً جانبية شديدة، من بينها:  

o   الحكة

o   الرعاف

o   الألم العضلي

o   التحسس من الضوء

o   جفاف الفم والأنف والجلد

o   تراجع الرؤية الليلية

o   عيوب خلقية عند الجنين إذا تناولته الحامل.

o   ارتفاع الكوليسترول

o   ارتفاع إنزيمات الكبد

 تختفي الآثارُ الجانبية للإيزوتريتينيون إذا جرى التوقف عن تناول الدواء. وللوقاية من الآثار الجانبية الشديدة، لابدَّ من مراقبة المريض قبل المعالجة وخلالها. وهذا ما يتضمن أخذ عينات من دمه عادة .

كما يجب أن تستخدمَ النساءُ موانع الحمل قبل شهر من تناول الإيزوتريتينيون، وفي أثناء تناوله، ولمدة شهر بعد التوقف عن تناوله. 

ومن العلاجات الأخرى لحب الشباب:  

o   المعالجة الهرمونية

o   الستيرويدات القشرية بجرعات خفيفة

o   الأدوية المضادة للأندروجين

o   إزالة الزؤان من قبل طبيب الجلدية

o   حقن المركبات الستيرويدية في الآفات الجلدية

o   المعالجة بتقشير الجلد

o   الجراحة التجميلية للتخفيف من ظهور الندبات

 

العناية بالجلد:

يجب أن يغسلَ المصابون بحبِّ الشباب جلودَهم غسلاً لطيفاً باستخدام مادة منظفة خفيفة، مرة في الصباح ومرة في المساء. أمَّا كشطُ البثور فيؤدي إلى أنَّ حب الشباب يزداد سوءاً. كما يجب أن يغسل المصاب بحب الشباب جلده غسيلاً جيداً بعد بذل جهد شاقّ. وعندها يجب أن يغسل وجهه من أسفل الفك السفلي حتى خط نمو شعر الرأس؛ وينبغي عدمُ استخدام ليفة خشنة.

ومن المهم أن يشطفَ جلده بالماء شطفاً وافياً بعد غسله. كما ينبغي على المصاب بحب الشباب أن يغسلَ شعره بانتظام. وإذا كان شعرُه زيتياً، فقد يكون عليه غسله كل يوم.

ويجب على المصاب بحب الشباب عدم الإكثار من لمس جلده، فإن عصرَ الآفات أو نكشها أو العبث بها يعرِّضه لخطر تشكل الندبات المزمنة. وعلى الرجال المصابين بحب الشباب أن يكتشفوا ما إذا كانت الحلاقةُ بالشفرة أو بآلة الحلاقة الكهربائية أكثر راحة لهم؛ فإذا استخدموا الحلاقة بالشفرة، فيجب أن تكون الشفرة حادة، ويجب تليين شعر الذقن بالماء والصابون قبل وضع معجون الحلاقة عليها.

وبالنسبة لأصحاب البشرة البيضاء، يجب تجنُّب التعرض للشمس بهدف إكساب البشرة لوناً برونزياً؛ فمع أنَّ اللون البرونزي يمكن أن يخفي الآفات، لكن فوائده مؤقتة؛ حيث إن الشمس يمكن أن تتلفَ الجلد وتسرع في شيخوخته، وتسبب سرطان الجلد. كما أن الكثيرَ من الأدوية التي تستخدم لمعالجة حب الشباب تجعل الجلد سريع الإصابة بالحروق.

ويجب على السيدات اختيار مواد التجميل بعناية. وقد تجد السيدة نفسها مضطرة عند تناول أدوية لحب الشباب أن تغيرَ مستحضرات التجميل التي تستخدمها. كما يجب أن تكون جميع مستحضرات التجميل مثل كريم الأساس وأحمر الشفاه ومواد التظليل والترطيب خالية من الزيت. وقد يكون من الصعب وضعُ كريم الأساس بالقدر اللازم خلال الأسابيع الأولى من المعالجة، لأن الجلد قد يكون أحمر أو متقشراً، ولاسيَّما عند استخدام التريتينيون الموضعي أو البينزويل بيروكسيد.

إن المستحضرات الدهنية التي تحوي موادَّ للترطيب قد تؤدي إلى تشكُّل زؤانات صغيرة مغلقة ومفتوحة. أمَّا المستحضراتُ التي توضَع على الشعر، والتي تلامس الجلد على طول خط نمو الشعر، فيمكن أن تسبب حرق الجلد أو وخزه. ويجب استخدامُ المستحضرات التي تحمل عبارة "غير مولدة للزؤان"، مما يعني أنَّ المستحضر لا يسبب تشكل الآفات المشوِّهة.